كردستان وإمكانية التغيير المؤجل عبر الإنتخابات

'دأب الباحث والكاتب سامان نوح على رصد وتحليل وتقييم الشأن الكردستاني على نحو لافت، يمنح القارئ إحاطة شاملة ودقيقة لما يتناوله، وضمن هذا الأطار أعد بحثا معمقا لحساب مركز رواق بغداد حول أزمة الإنتخابات في كردستان وإستمرار تأجيلها كلما اقترب موعدها والخلافات القائمة بين مختلف الأطراف السياسية في الأقليم. تحت عنوان،،،
( في كردستان .. الانتخابات هل هي وسيلة ممكنة للتغيير ؟ )... مشيرا في مدخله الى تأجيلات متكررة للعمليات الانتخابية وتراجع في التصويت وانحدار في ثقة الناخبين!
متناولا الأزمة على النحو الآتي ...


في أكثر من ملف سياسي واقتصادي واداري، تظهر خلافات الحزبين الكرديين الحاكمين في اقليم كردستان، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، لكن الخلاف يتلاشى في قضية تأجيل انتخابات برلمان كردستان المؤلف من 111 مقعدا والمقررة في الاول من  تشرين الاول اكتوبر 2022.
عملياً بات ذلك الموعد مستحيل التحقق، ولا مشكلة لدى الحزبين في التأجيل فقد تعودا خلال 30 سنة من الحكم على تعطيل البرلمان لفترات او تمديد عمله خارج المدد القانونية ومواعيد التفويض الشعبية، فالتأجيل متاح دائما في ظل عدم وجود دستور ومع قوانين يتم تعديلها وتغييرها وفق المصالح الحزبية، فيمدد البرلمان لنفسه ويؤجل الانتخابات طالما كان يحقق مصلحة للقوى الحاكمة او يجنبهما مشكلة مستعصية او خلافا يحتاج الى تسويات او تنازلات للحل.
في 24 شباط فبراير الماضي، حدد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، الأول من شهر تشرين الأول أكتوبر العام 2022 موعداً لإجراء انتخابات الدورة السادسة لبرلمان اقليم كردستان. حيث جرت انتخابات الدورة الخامسة في 30 ايلول سبتمبر 2018، فيما عقدت الجلسة الأولى لتلك الدورة في السادس من تشرين الثاني نوفمبر 2018.
وتقول مفوضية الانتخابات في اقليم كردستان انها ستحتاج الى ستة أشهر في المتوسط للتحضير للانتخابات، لكن قبلها على البرلمان الكردستاني اقرار قانون لتجري الانتخابات وفقا له، واختيار مفوضية جديدة لأن المفوضية السابقة إنتهت مدتها القانونية وهناك نقص في عدد أعضائها يجب شغل مواقعهم في حال الاتفاق على التمديد لها في البرلمان.
وجرت آخر عملية انتخابية لبرلمان اقليم كردستان في نهاية أيلول سبتمبر 2018 (الدورة الخامسة) والتي كان من المفترض إجراؤها قبل ذلك التاريخ بعام كامل (وتحديدا في أيلول 2017) إلا أنها تأجلت بسبب الخلافات السياسية بين القوى الرئيسية ومع اصرار الحزب الديمقراطي على اجراء استفتاء انفصال الإقليم عن العراق.
ومع عدم اتفاق القوى السياسية على قانون جديد لانتخابات الدورة السادسة، الى جانب عدم وجود مفوضية للانتخابات أصبح من المستحيل اجراء الانتخابات في الموعد المقرر. وتجري القوى الرئيسية في كردستان مشاروات متقطعة لمناقشة تأجيلها الى ربيع العام 2023 ما يعني التمديد للبرلمان الحالي لنحو ستة آشهر.

30 سنة بخمس دورات فقط
الدورة الاولى 1992
للفترة بين 1992 الى 2005، اي خلال 16 عاماَ جرت دورتان إنتخابيتان فقط، الدورة الأولى وكانت أول تجربة انتخابية في كردستان العراق بعد تحرره من سلطة الحكومة العراقية التي كان يقودها صدام حسين، جرت بتاريخ 19/5/1992 بموجب القانون رقم ( 1 ) للجبهة الكردستانية وبإشراف ورعاية ممثلي العديد من المنظمات الاجنبية العاملة في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان.
وبسبب الاقتتال الداخلي الكردي بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في أيار مايو 1994 تعذر إجراء انتخابات الدورة الثانية، وانقسم البرلمان وشل عن العمل لنحو اربع سنوات قبل ان يعود الحزبان لإتفاق شامل جرى برعاية امريكية وعرف لاحقا بـ"اتفاقية واشنطن للسلام" التي وقعت عام 1998 بين الزعيمين الكرديين جلال طالباني ومسعود بارزاني وبحضور وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت، وعقد أول إجتماع موحد للبرلمان بعد تغيير عدد كبير من أعضائه، بتاريخ 4/10/2002 وسمي البرلمان حينها بالدورة الانتقالية.
الدورة الثانية 2005
جرت إنتخابات الدورة الثانية للبرلمان الكردستاني (المجلس الوطني الكردستاني) في 30 كانون الثاني يناير 2005 تزامناَ مع انتخابات مجلس النواب العراقي وانتخابات مجالس المحافظات، وكانت تلك الانتخابات الأولى في كردستان والعراق بعد سقوط نظام حزب البعث.
الدورة الثالثة 2009
قبل تاريخ إنتهاء الدورة الثانية لبرلمان كردستان (أيار 2019) إقترح عدنان المفتي رئيس الدورة الثانية لبرلمان كردستان في كتاب وجهه الى رئيس إقليم كردستان أن تجري انتخابات الدورة الثالثة في 19/5/2009، بإعتبار أن أول إنتخابات لبرلمان كردستان أجريت في مثل ذلك التاريخ. لكن ذلك الموعد لم يتحقق، لتجري الانتخابات في 25/7/2009 .
الدورة الرابعة 2013
قبل انتهاء الفترة القانونية للدورة الانتخابية الثالثة لبرلمان اقليم كردستان، خاطب ارسلان بايز رئيس البرلمان، رئاسة اقليم كردستان لتحديد موعد لاجراء انتخابات الدورة الرابعة لبرلمان الاقليم قبل نهاية دورته الثالثة في 7/9/2013 واصدر رئيس اقليم كردستان قرارا بتحديد يوم 21/9/2013 موعدا لاجراء الانتخابات البرلمانية الى جانب انتخابات رئاسة اقليم كردستان باعتبار ان الفترة القانونية لولاية رئيس الاقليم تنتهي في نفس الموعد.
الدورة الخامسة 2018
جرت في 30 سبتمبر أيلول 2018 انتخابات الدورة الخامسة للبرلمان الكردستاني والتي كان من المفترض إجراؤها في ايلول من العام 2017 إلا أنها تأجلت بسبب الخلافات السياسية بين القوى الرئيسية واصرار الحزب الديمقراطي على اجراء استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق في سبتمبر أيلول 2017 بدل اجراء الانتخابات البرلمانية.

تأريخ من التأجيلات وخرق المدد
خلال 28 عاما من الحكم في اقليم كردستان، لم تُجر أيَّةُ انتخابات عامة في موعدها المفترض والمقرر قانونا كل أربع سنوات. فخلال 31 عاما من الحكم المطلق للقوى الكردية جرت في محافظات أربيل، السليمانية، دهوك وحلبجة، التي تخضع لسلطة حكومة كردستان، خمس عمليات انتخابية للبرلمان الكردستاني، كما جرت عمليتان انتخابيتان لمجالس المحافظات وواحدة لانتخاب رئيس الاقليم.
فبين الدورة الأولى التي مددت لثلاث مرات والدورة الثانية هناك 13 سنة من التأخير والتأجيلات بسبب الحرب الداخلية في كردستان ولاحقا اسقاط حكومة حزب البعث وحصول التغيير في العراق.
وبين الدورة الثانية والثالثة حدث تأخير لستة أشهر، حيث ان مقترح اجراء الانتخابات في 19 ايار الذي قدمه رئيس البرلمان في حينها عدنان المفتي لم يحظ بالموافقة، فقد وجه رئيس إقليم كردستان كتاباً في 11 نيسان ابريل 2009 الى رئاسة البرلمان ذكر فيه أنه ليس بمقدور المفوضية العليا للإنتخابات إجراء الإنتخابات في 19 أيار "بسبب عدم تخصيص الحكومة الفدرالية ميزانية خاصة لمفوضية الإنتخابات وعدم وجود خطة مالية واضحة وإمكانيات فنية لازمة" قبل ان تقول المفوضية العليا للإنتخابات بأنها على إستعداد لإجراء الإنتخابات في 20/7/2009، ليتم لاحقا تحديد يوم 25/7/2009 موعداً لإجراء الإنتخابات.
وبين الدورة الثالثة والرابعة للبرلمان الكردستاني هناك أيضا فترة تأخير امتدت لشهرين، وبين الدورة الرابعة والخامسة حصل تأخير لمدة عام كامل بسبب الخلافات السياسية بين القوى الكردية الحاكمة، وكانت تلك الدورة قد شهدت شلل في عقد جلسات البرلمان لمدة قاربت العامين بعد أن منع الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس البرلمان محمد يوسف عن حركة التغيير، من دخول أربيل ومزاولة عمله في مجلس النواب عقب احتدام الخلافات بين الحزبين على عدة ملفات سياسية وادارية واقتصادية.

التأجيلات وشرعية التفويض
في مطلع تموز 2022 أكد نائب رئيس برلمان كردستان هيمن هورامي، فشل الاجتماعات التي عقدتها الأحزاب الكردية لتقريب وجهات النظر المختلفة بشأن عدة نقاط تتعلق بانتخابات برلمان كردستان، وقال في مؤتمر صحفي، ان المحاولات التي بذلت "لم تسفر عن نتيجة تذكر"، مستبعداً إمكانية اجراء في موعدها "حتى لو اتفقت كل الأطراف".
وكشف أن لدى الأحزاب رؤى مختلفة بشأن طبيعة قانون الانتخابات، كما هيكلية مفوضية الانتخابات، وطبيعة نظام الدوائر الانتخابية.
ويلجأ قادة الاقليم دائما لتبرير تأجيل المواعيد الانتخابية "بضمان المصلحة العليا"، فبات من المقبول لديها التأجيل المتكرر حيال احتمال "تأجيج الوضع السياسي". يقول هورامي: "نحن في برلمان كردستان لا نريد أن نكون عاملاً لزعزعة الوضع السياسي عبر تجاهل البعد السياسي وأخذ البعد القانوني في الاعتبار فقط".
ويرى أن "الانتخابات لا تجري وفق منطق الأغلبية والأقلية، بل تحتاج إلى نوع من التفاهم، لذا من الأفضل أن تتأجل عدة أشهر شرط أن تشارك فيها كل الأطراف وتبقى كردستان كياناً موحداً، على أن تجري بسرعة وفي وقت قصير وتؤدي إلى انقسام كردستان".
وكانت القوى السياسية ورؤساء الكتل البرلمانية، قد عقدوا بين تشرين الثاني وحزيران سلسلة من الاجتماعات جرى اثنان منها بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جنين بلاسخارت، لبحث اجراء الانتخابات والاتفاق على المتطلبات السياسية والقانونية والاجرائية، لكنها فشلت في التوصل الى تفاهمات في ظل التباين الكبير في مطالب الأطراف المختلفة.
وفي ظل المحاولات الأممية لتقريب وجهات النظر وتشديدها على أهمية تنظيم الانتخابات في موعيدها، أوضح نائب رئيس البرلمان وهو من كتلة الحزب الديمقراطي، ان التقارب السياسي يسهم في الوصول إلى تقارب من الناحية القانونية لاجراء الانتخابات في الموعد المقرر (1 تشرين الأول)، وقال "من المعيب جداً للأحزاب السياسية وكل الكتل ومواطني كردستان، عدم تمكننا من اجراء الانتخابات في موعدها".
وأشار هورامي ان كل ما اتفقت عليه الأطراف السياسية خطوط عامة تتمثل في ضرورة أن "تكون الانتخابات شفافة قدر الإمكان، وأن تجري وفق سجل ناخبين تثق به أغلبية الأطراف، وهو سجل الناخبين البايومتري لانتخابات مجلس النواب العراقي التي جرت في تشرين الأول 2021".

القانون والمكونات والمفوضية
وتتمحور الخلافات حول عدة نقاط رئيسية، الخلاف الأول يتعلق بتفاصيل قانون الانتخابات، هل سيعتمد على نظام الدائرة الواحدة او الدوائر المتعددة؟ فلكل نظام فوائده ومضاره للقوى الكبيرة والصغيرة. ويفضل الديمقراطي الكردستاني اعتبار الاقليم دائرة واحدة ويؤيده في ذلك قوى صغيرة مثل الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي حيث يمكنها ذلك النظام من جمع اصواتها والفوز بمقعد او اثنين، في حين يريد الاتحاد الوطني وقوى التغيير والجيل الجديد والقوى الاسلامية نظام متعدد الدوائر وهو ما سيحرم الديمقراطي من الفوز بمقاعد اضافية في عدة مناطق.
الخلاف الثاني يتمثل في التصويت للمكونات، حيث يطالب الاتحاد الوطني وحركة التغيير مع القوى الاسلامية المعارضة بأن يحصر التصويت لمقاعد كوتا المكونات بأبناء المكونات وضمن قوائم خاصة، بينما يريد الحزب الديمقراطي استمرار الآلية المعتمدة في الدورات السابقة والتي تمكن اي ناخب (حتى لو لم يكن من أبناء المكونات) من التصويت للمكونات وهو ما يضمن لها كسب مقاعد كوتا المكونات عبر تكليف عدد محدود من مرشحيها للتصويت لهم. وتؤيد العديد من القوى السياسية الممثلة للمكونات حصر التصويت لمقاعدها بابناء المكون نفسه لكي يمثلها الفائزون بشكل حقيقي.
كما ان بعض القوى الكردية تقول ان عدد مقاعد كوتا المكونات كبير ويجب تقليصها قياسا لمقاعد البرلمان الكردستاني (11 مقعدا من 111)، مشيرين الى ان الحزب الديمقراطي بات يستغل تلك المقاعد ليفرض سياساتها على البرلمان بدفع نواب المكونات للتصويت لصالح رؤيته في الملفات الخلافية. 
يعلق نائب رئيس البرلمان هيمن هورامي على ذلك بالقول: "نحن في رئاسة برلمان كردستان نعتقد بأن المكونات عليها أن تقرر بنفسها سبل تمثيلها. هل تريد أن تخفض عدد ممثليها؟ هل ترغب في أن تكون كردستان دائرة انتخابية واحدة أم عدة دوائر انتخابية تتوزع على المحافظات؟ وهذه نقاط لم تحسم لحد الآن".
وهناك خلافات تتعلق بسجل الناخبين، الذي يتفق غالبية القوى السياسية على انه غير نضيف وانه يضم عشرات آلاف المتوفين الذين يجب حذفهم، وان فيه اشكالات كبيرة ويجب عدم الاعتماد عليه للانتخابات المقبلة. كما ان هناك خلافا بشأن آلية احتساب الأصوات.
تضاف الى تلك الخلافات مشكلة انتهاء التفويض القانوني لمفوضية الانتخابات التي تأسست وفق مبدأ التحاصص الحزبي والحجوم في الدورة الرابعة للبرلمان، وباتت منذ اكثر من عامين منتهية الصلاحية القانونية، ويجب التجديد لها في البرلمان بعد تكملة اثنين من أعضائها الناقصين او تشكيل مفوضية جديدة.
وتضم المفوضية الحالية المنتهية الصلاحية تسعة أعضاء منقسمين بين (3 للديمقراطي، 2 للاتحاد الوطني، 2 لحركة التغيير، ونائب للجماعة الاسلامية ونائب للاتحاد الاسلامي)، ويريد الحزب الديمقراطي زيادة عدد اعضائه بالمفوضية باعتباره يملك نحو 40% من مقاعد البرلمان الحالي، وترفض القوى الاخرى ذلك، ويريد بعضها التجديد للمفوضية بعد اكمال عدد اعضائها (تضم حاليا سبعة من أصل تسعة) في حين يشكك مسؤولون بحركة الجيل الجديد بمهنية المفوضية ويشيرون الى بنائها الحزبي، ويلفتون الى غيابهم عنها رغم كونهم الحزب الثالث في الاقليم.

انتخابات مجالس المحافظات المنسية
خلال 30 سنة من الادارة الكردية جرت عمليتان انتخابيتان لاختيار مجالس المحافظات باقليم كردستان، الاولى في كانون الثاني 2005 مع انتخابات مجالس المحافظات العراقية، وكان يفترض ان ينتهي العمر القانوني لتلك المجالس في العام 2009 اِلاّ أن انتخابات الدورة الثانية تأجلت حتى نيسان 2014. وكان يفترض ان ينقضي عمر الدورة الثانية لتلك المجالس في 2018 لكن منذ ذلك التاريخ يتم التمديد لها ولم يتم تحديد اي تاريخ لاجراء انتخابات جديدة تلك المجالس التي مازالت تعمل ولم يتم حلها كما حصل في باقي مناطق العراق.
يرى مسؤولون بحركة الجيل الجديد الكردية المعارضة كما بقوى المعارضة الاسلامية ومسؤولون سابقون بحركة التغيير ان القوى الحاكمة في كردستان لا تحترم المواعيد القانونية لاجراء الانتخابات وتؤجل تواريخ اجرائها كلما وجدت ان الانتخابات لا تخدم مصالحها، في ظل ضعف الجهاز القضائي وعدم وجود دستور، وفشل بناء نظام حكم سليم يعتمد على مؤسسات فاعلة، وتحزيب المؤسسات المدنية والعسكرية ومفاصل الادارة والاقتصاد.
ويشدد هؤلاء ان التفويض الشعبي عبر الانتخابات يرتبط بمواعيد محددة ولا يمكن ان يكون مفتوحا، ولا يحق للبرلمان التمديد لنفسه كلما اراد، مؤكدين ان انظمة الحكم التي تحترم نفسها ومواطنيها تعد المواعيد الانتخابية مقدسة ولا يجوز التلاعب بها.
ويرى مراقبون للشأن الانتخابي ان المواعيد الانتخابية تؤجل كلما كانت هناك ازمات تؤثر على اصوات الحزبين، مشيرين الى ان نسب التصويت التي كان الحزبان يحصلان عليها من مجموع اصوات الناخبين تراجعت من 70% في بعض الدورات الانتخابية الى نحو 23% في الانتخابات الأخيرة، حيث تراجعت نسبة المشاركين في التصويت عموما الى نحو 35% من مجموع الناخبين في اقليم كردستان، وحصل الحزبان على نحو ثلثي اصوات المقترعين.
وينبه كتاب وباحثون كرد من خطورة تأجيل مواعيد العمليات الانتخابية وتمديد البرلمان لعمره بخلاف "شرعية مدد التفويض الشعبية"، مشيرين الى ان ذلك لا يهدد سلامة تطور النظام الديمقراطي فقط بل يفرغ العملية الديمقراطية من محتواها، ويعمق عدم ثقة الناخبين بجدوى الانتخابات كأفضل وسيلة لإحداث التغيير، وبالتالي تزايد نسب عدم المشاركة والعزوف عن التصويت وهو ما يحدث منذ اكثر من 12 عاما.
ويقول مراقبون للمشهد الكردستاني ان ضرب المواعيد الانتخابية كما تعطيل فرص جعل الانتخابات وسيلة للتغيير، هي نتيجة متوقعة لفشل المجتمع في بناء معارضة قوية لأحزاب السلطة قادرة على خلق مؤسسات مدنية حيوية وقواعد عمل سياسي تفرض القبول بمبدأ "تداول السلطة" بدل تقسيمها الذي اعتمد كمبدأ منذ أول انتخابات جرت في العام 1992 والذي أصاب المسيرة الديمقراطية للاقليم بالعطب وحول المؤسسات الى أدوات حزبية لاستمرار نظام لا يؤمن بالمواطنة والمشاركة ولا يضمن المساواة والعدالة، نظام غير قادر على تحقيق التنمية المجتمعية.