تشكيل الحكومة في ظل العوائق والصعوبات التي تواجه السوداني

في محاولة للوقوف على وجهات نظر صناع الرأي حيال مهمة المكلف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكونة الجديدة ورصد وتحليل الصعوبات التي تواجهها نشر موقع رووداو تقريرا أعده الكاتب معد فياض تحت عنوان ( صناع رأي عراقييون لرووداو... عوائق كبيرة تعترض السوداني.. ولابد من تشكيل الحكومة ) مستشهدا بأراء ومواقف نخبة من أبرز المحللين السياسيين المهتمين بالشأن العراقي جاء فيه.. 
أجمع صناع رأي عراقيون، على ان هناك معوقات كثيرة وازمات خطيرة تقف في طريق المكلف بتشكيل الحكومة، محمد شياع السوداني، بسبب المحاصصة وصراع الاحزاب على الحقائب الوزارية، السيادية خاصة، وتراكمات الاداء الحكومي لسنوات طويلة بسب الفساد، وسيادة السلاح المنفلت مما ادى الى ان يعاني البلد من الجفاف والتصحر وارتفاع نسبة البطالة ووقوع عوائل كثيرة تحت خط الفقر.
وخلص كتاب سياسيون عراقيون، في احاديث منفردة لشبكة رووداو الاعلامية، الى انه لا بد من تشكيل الحكومة لان الاوضاع الداخلية والخارجية لا تسمح بغير ذلك. 

لا بد من تشكيل الحكومة 
الاكاديمي، فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، أكد بان "تشكيل الحكومة موضوع شائك الى حد ما ولكن القوى السياسية ليس لديها خيار سوى المضي بتشكيلها ولا يملكون هذا الترف بأن يختاروا عدم تشكيلها او تاخيرها لمدة اطول". مشيرا الى ان "هذا التكليف بتشكيلها جاء  بعد مخاض عسير ومضي عام على اجراء الانتخابات المبكرة، والشد السياسي بينما العراق يواجه تحديات خطيرة". موضحا ان "البلد بحاجة الى موازنة وحكومة فاعلة تتمتع بالسلطة وليست حكومة تصريف اعمال، والمجتمع الدولي، كما رأينا، دخل على الخط بقوة، خاصة بعد احاطة المبعوثة الاممية للعراق، جينين بلاسخارت، للأمين العام للامم المتحدة ومجلس الأمن بالوضع العراقي المتأزم، وكل هذه الضغوط تصب في اتجاه تشكيل الحكومة ".
واضاف علاء الدين بأن "الحكومة قادمة والمكلف بتشكيلها، محمد شياع السوداني، ابدى استعداده لتقديم الكابينة قريبا بالرغم من انه مضت ايام قليلة على تكليفه وحتى الان لم تتبين اية رؤيا بصددها لكن من الواضح اننا اجتزنا حكومة التكنوقراط وستكون الحكومة القادمة سياسية بحتة، اي ان غالبية المرشحين للحقائب الوزارية هم من الخط الاول من السياسيين، وهذا يعني القاء المسؤولية مباشرة على عاتق الأحزاب المشاركة في الحكومة، خاصة في حالة الفشل او نقص الاداء من قبل اي وزارة"، موضحا ان "التحديات كبيرة والبلد يواجه الكثير من العوائق وفي مقدمتها موضوع المناخ والتصحر خاصة اذا عرفنا ما يحدث في الجنوب وجفاف الاهوار نتيجة شحة المياه، يضاف الى هذا ارتفاع نسبة البطالة، ووقوع نسبة كبيرة من العوائل تحت خط الفقر وتردي الخدمات وتراجع قطاعات الصناعة والزراعة والتربية والتعليم وانفلات السلاح، والفساد حدث ولا حرج، كل هذه نذكرها في المقالات والدراسات والندوات وننبه اليها ونتابعها".
وحذر رئيس المجلس الاستشاري العراقي، من "ان التحديات امام الحكومة القادمة كبيرة جدا، ولكن ما يجعلني متفائلا ان المكلف بتشكيل الحكومة، السوداني، شخص لديه خبرة ادارية وتنفيذية حيث بدأ بوظيفة قائمقام ثم محافظ ووزير لدورتين وعضو مجلس نواب لثلاث دورات، يعني هو لم يات من خارج المنظومة وقد تساعده خبرته هذه على نجاح ضئيل، على عكس من سبقه من رؤساء الحكومات الذين كان غالبيتهم خارج العملية السياسية او العمل التنفيذي، فنوري المالكي جاء من المعارضة الى الحكومة في الولاية الاولى، وفي الثانية صارت عنده خبرة اكثر ومشاكل اكثر، وحيدر العبادي كان وزير مواصلات لفترة قصيرة وعضو برلمان، وعادل عبد المهدي ايضا جاء من المعارضة الى الحكومة، اما مصطفى الكاظمي فقد كان رئيسا لجهاز المخابرات، وهذا ليس منصبا تنفيذيا".
وأضاف: "لهذا نعول على خبرة رئيس الوزراء المكلف، وانا شخصيا اضع حاجزاً واطئاً للنجاح واعتبر مجرد ايقاف النزيف والتدهور نجاح لاننا بعد كل حكومة نواجه تردي اكثر بالاوضاع لاسباب عديدة بعضها ذاتية والاخرى موضوعية ومن الممكن ان نتفائل ولو قليلا..نعم التحديات كبيرة ولنرى ماذا سيحصل".
وختم فرهاد علاء الدين رايه قائلا: "من الناحية اللوجستية ستضع الاحزاب العراقيل امام السوداني خلال مناقشة موضوع توزيع الحقائب الوزارية، السيادية خاصة، وكل حزب يريد هذه الوزارة ولا يريد تلك، والكلام اليوم عن نواب رئيس الوزراء بلا حقيبة وزارية، لكنني لا اتوقع ان يصل السوداني الى طريق مسدود فالاحزاب، كما اسلفنا، ليس امامها اي خيار سوى تشكيل الحكومة والضغط الداخلي والخارجي كفيل بالمضي بهذا الطريق". 

انتخابات تلد أزمات 
الكاتب السياسي الاكاديمي عبد الحميد الصائح، يرى ان "الخلل في بنية العملية السياسية، وفي الركائز التي تاسست عليها حيث بدات بالمحاصصة منذ بداية تاسيس مجلس الحكم، والمحاصصة قفزت على الدستور وتحولت من مبدأ التجاذب والتنافس السياسي الحزبي الى تنافس المكونات واصبح بلد مكونات وليست احزاب تتنافس من اجل الوصول الى السلطة وهذا ما ادخل البلد وفي كل الانتخابات في خانق التنافس بين المكونات لذلك ليس هناك من يعمل بالدستور وهناك انتقائية في التعامل مع الدستور بحيث كل فريق ينفذ ما يفيده في الدستور ولا يتعامل معه باعتباره دستور شامل للبلاد لان الدستور مفخخ وفيه فراغات كثيرة تساعد على ذلك واصبحت ما تسمى بـ (الاعراف الدستورية) بديلة للدستور". مضيفا: "مثلا ان يكون بالضرورة رئيس الجمهورية كوردي ورئيس البرلمان سني ورئيس الوزراء شيعي، هذا عرف غير دستوري لانه غير موجود في الدستور، وهذا قسم العراقيين الى ثلاثة كيانات سياسية، شيعية وسنية وكوردية، وهناك جهاز يتنافس عليه الكورد، رئاسة الجمهورية، وجهاز يتنافس عليه السنة، البرلمان،وجهاز يتنافس عليه الشيعة، رئاسة الحكومة، وبعد كل انتخابات تترك النتائج جانبا ويتم البحث في اغلبيات وارجحيات خارج النتائج، لهذا لم تتشكل الحكومات منذ اول انتخابات جرت في 2005 بسلاسة  الامر الاخر هو ان كل انتخابات تعقبها ازمة سياسية تختلف عن سابقتها، بل ان المفارقة التي جاءت بها ما سميت بالانتخابات المبكرة هي ازمة شاذة تتلخص بان الخاسرين فيها، الاطار التنسيقي، هم من سيشكل الحكومة وليس الفائزين، التيار الصدري، وهذا تماما ما حدث في انتخابات 2010 عندما شكل الائتلاف الخاسر، دولة القانون، الحكومة وألغي حق الفائز، ائتلاف العراقية، في رئاسة الوزراء، وكان يفترض ان الانتخابات المبكرة حل الازمات الراهنة لكنها خلقت ازمات اكثر تعقيدا، وكان يفترض ان تكون مستخرجات الانتخابات المبكرة منسجمة مع مطالب احتجاجات تشرين ولكننا عدنا الى المربعات الاولى في التنافسات السياسية".
واشار الصائح الى ان "الازمة المرة بلغت هذه المرة حد خطير من التصعيد داخل البيت الشيعي، وبرزت مرة اخرى فكرة حكومة اغلبية سياسية او حكومة توافقية (محاصصة)، وبعد كل انتخابات يطالب الفائز بحكومة اغلبية، كان ائتلاف دولة القانون قد طالب بها سابقا عندما فاز في انتخابات 2014، وعارضته بقية الاطراف الشيعية، واليوم طالب بها التيار الصدري الذي فاز في انتخابات 2021، وعارضته بقية الاحزاب الشيعية. وطلب الاطار التنسيقي من الصدر بالانضمام اليه وتكوين الكتلة الشيعية الاكبر التي يخرج منها رئيس الوزراء".
ويرى الكاتب السياسي عبد الحميد الصائح بانه "لا خيار امام الحكومة القادمة سوى النجاح، ذلك ان البلد يغرق في الازمات، بلد بلا زراعة وصناعة وتعليم صحيح ورعاية صحية، بلد يفترسه التصحر. وفي كل الاحوال لا بد من تشكيل الحكومة لان البلد معطل". مبديا بعض التفاؤل، باعتبار انه "للمرة الأولى يأتي رئيس وزراء مكلف، السوداني، من وضائف متعددة، كما انه من عراقيي الداخل، كما يردد الغالبية بان يكون رئيس الوزراء.. لا يوجد في العالم شخص تكون اول وظيفة له هي رئيس وزراء هذا حدث ويحدث في العراق فقط، وهذا المنصب في جانبين سياسي ومهني، وفي العراق عادة ما يعرقل الجانب السياسي الجانب المهني بدلا من ان يدعمه.. يعني مهمة الجانب السياسي سلبية هنا". 

بحاجة لمشروع وطني 
الاعلامي كرم نعمة، مقيم في لندن، يعارض رايي علاء الدين والصائح، في تفائلهما بتكليف السوداني لتشكيل الحكومة، ويتسائل قائلا: "ليست هناك اية مؤشرات تدل على ان السوداني مختلف عن الممارسة الطائفية التي مارسها نوري المالكي، الا يجدر بنا ان نستعيد بلدنا من سلطة اللادولة وسلطة الميلشيات".
وقال: "اعيدكم الى تصريحات السوداني لصحيفة (وولستريت جورنال) قبل ايام، والتي اعلن فيها  قائلا: (سنرفض بشدة قرار اوبك بلاس لانه لا يخدمنا)، وهذا يعني انه يريد تقديم نوع من الولاء للولايات المتحدة الاميركية لتزكيته للاستمرار بترشيحه لتشكيل الحكومة، ثانيا يتضمن هذا التصريح رسالة ايرانية الى السعودية التي كانت وراء قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بتخفيض انتاج النفط، وهذا ما عارضته واشنطن وطهران".
وحول ما يتردد من ان السوداني على العكس من سابقيه وبأنه ليس (من عراقيي الخارج)، وقد تحسب هذه ميزة له، قال نعمة: "ان المشكلة ليست في ان يكون رئيس الوزراء من عراقيي الداخل اوالخارج، بل في هل هذه الاحزاب الطائفية تؤمن بتاهل شخصية ناجحة لتقدم مشروع وطني لاستعادة العراق المخطوف من قبل الفاسدين والميلشيات؟ هذه هي المشكلة، ليس مهماً من يكون رئيس الوزراء بقدر ايمانه بمشروع وطني يتم تنفيذه بالفعل".