بزيارة البابا الى العراق سيكون الطريق موصولا الى اور مهد الحضارة وقيم الابراهيمية الحنفية مع بقية اجزاء العالم وسيصل الصوت ونقاء التراب وايقاع حركة الانسانية المتجذرة في اعماقه ورغبته بالتواصل مع العالم بعد ان شهدت التجربة الديموقراطية في البلاد اخفاقات حقيقية في التعبير عن تواصل العراق مع المجتمع الدولي.
بهبوط قداسة بابا الفاتيكان سيكون العراق في قلب التحولات الدولية وسيرتفع رصيده المعنوي في افاق القيم الانسانية وسيرى العالم الحبر المسيحي الاعظم يهبط في الفناء الابراهيمي مثلما سيدرك انسان هذا الكوكب ان العراق ارض الاديان وجذور الانبياء ومهبط السماوات ومختلف الملائكة.
يصل البابا والعراق يمر بجائحة عالمية استنزفت الارواح واستهدفت مئات الالاف مِن البشر ورغم صعوبة الرحلة الا ان الحبر الاعظم اصر على المرور بارض اور في اول زيارة بابوية له بعد تفشي الوباء .. هذا يـعـنَي ان بابا الفاتيكان يعلم ان دخول ارض اور وتلمس تراب الزقورة شفاء مِن سقم الوباء ويد رحومة تبسطها ارض ابراهيم لمن يتطلع اليها ويزورها ويتبرك بعبق رسالتها كما البابا الذي سيقدم الى اور وهو في الطريق الى ابي الانبياء.
مايجب ان يصل القادة السياسيين العراقيين في هذا المقطع المحوري والمنعطف التاريخي بالزيارة واهميتها في الطرف الصحي الدولي العصيب ضرورة التركيز على العراق بما يمثل مِـن موقع ذهبي في مسار الاديان وما يشكل في المسيرة الانسانية وما يؤسس في مشروع الرسالات السماوية والكتب المقدسة واذا كانت اور وزقورتها هي الارض الموعودة بالمحبة والسلام والتسامح كما ورد في رسالة البابا الاعظم فانها الوطن النهائي لكل العراقيين وميقات الاديان واسفارها المقدسة والارض الطيبة والمثال الانساني الذي يستحق الخدمة وبذل الجهود الاستثنائية لبناء نموذجه الانساني ودولته الكريمة ومجتمعه المجيد لذلك فان الشهداء الذين قضوا دفاعا عن بوابات هذا الوطن وحمايته من كافة المكونات هم التعبير الوطني والتجسيد الحقيقي لوحدة العراق ارضا وشعبا.
في اخر كلماته التي وجهها للعالم المسيحي واتباع الفاتيكان وابناء الشعب العراقي قال البابا "غدا ساتوجه الى العراق في رحلة حج لمدة ٣ ايام لقد كنت ارغب منذ فترة طويلة في لقاء هذا الشعب الذي عانى كثيرا اسالكم ان ترافقوا هذه الزيارة الرسولية بالصلاة لكي تتم بافضل طريقة ممكنة وتحمل الثمار المرجوة".
هذا هو العراق في عيون بابا الفاتيكان تراب مقدس ومهبط انساني كريم يحج اليه العارفون بقيمته الكونية ومكانته الانسانية ودوره العميق في حركة الاديان السماوية.
بزيارة البابا سيتصل العراق بمشتركه الحضاري القيمي والانساني مع العالم المسيحي وسترتبط اور في ذي قار بروما وبقية الحواضر المسيحية وسيكون على العراقيين اتمام المسيرة الوطنية والتعبير عن نمط الهوية الدينية المشتركة بروح الحركة الابراهيمية والرغبة في الانسجام مع مفاهيم حوار الحضارات الذي يقدم بصياغة شكل العالم وجوهره الابعاد الروحية المشتركة عـلى لغة المصالح الميكافيلية الضيقة.
سنكون في استقبال حضرة البابا وسط تجمع سياسي ووطني كبير على ايقاع العودة الى منابع الفكر الانساني المنفتح على الرسالات اذ بامكاننا صياغة رؤية سياسية مشتركة مع العالم بالاستناد الى تعاليم المسيح ورسالة الاسلام بدل الاعتماد او الخضوع لقيم الاستقطاب الاحادي الجانب والحروب التفصيلية.
اور التي منحها اللّـﮧ تعالى هبة للعراق ستتحول غدا الى بشارة نور ومحطة للقاء بابويّ هو الاكثر تاثيرا واستقطابا في التاريخ العربي المعاصر وصوتا مبرورا يتوهج مدى الدهور ويصحو على مفرداته طلاب الحقيقة الكونية وعلى ايقاعات كلماته المقدسة تتاسس امم حية وشعوب ابية ونهضات انسانية تنضح خلودا وابدية.
في مكان مرتفع مِـن زقورته الواقفة وقوف الشمس سيؤدي الحبر الاعظم صلاة السلام عـلى اهلها وسيتلو في سره ماتيسر له من محبة الانجيل فيجيبه مِـن الجانب الاخر صوت اللّـﮧ الذي تردد على ذات التراب المقدس "ملة ابيكم ابراهيم هو الذي سماكم المسلمين مِن قبل".
سلام على ابراهيم.. وسلام ومحبة لبابا الفاتيكان.