يعاني بعض الاشخاص في مراحل حياتهم المختلفة وعلى الاغلب عندما يبلغ الانسان من الكبر عتيا من اعراض مرض الشيخوخة (الزهايمر )وفقدان الذاكرة ، كما وهناك حالات قليلة يصاب بها المرء في اعمار غير متقدمة ، ان مرض الزهايمر او ما يطلق عليه بمرض الشيخوخة تكون لها اسباب عديدة وكلها مرتبطة بالدماغ والجهاز العصبي اي مركز القيادة في جسم الانسان مما يجعل اي تغير او اختلال في القيادة ينعكس على جميع او غالبية اعضاء الجسم ، حيث ان المصاب بمرض الشيخوخة قد يفقد الذاكرة كما يفقد قدرة بعض الفعاليات الارادية مع عدم وجود مرض عضوي في تلك الاعضاء والاجزاء من جسم الانسان ولكن اختفاء وفقدان القرار في القيادة المتمثلة بالجهاز العصبي تؤدي بتلك الاعضاء الاخرى الى فقدانهم لفعالياتهم الحيوية .
ان سبب الاصابة بمرض الشيخوخة يكون من خلال (التحلل العصبي ) اي فقدان بعض الخلايا العصبية لقابليتها في العمل ونقل واصدار الاوامر وقد تزول بعض تلك الخلايا في مرحلة ما ليكون المعالجة معدوما . اما سبب حصول ( التحلل العصبي) والذي يقود الى مرض الشيخوخة فهنالك اسباب عديدة منها جينية متوارثة ، اضافة الى نوعية التغذية، وفي بعض الاحيان تعرض الانسان الى ضربات فيزيائية قد تساهم ايضا في ظهور اعراض مرض الشيخوخة اضافة الى اسباب اخرى عديدة ، ففي الختام كل هذه الاسباب مجتمعة او متفرقة تساعد وتقود الانسان الى الاصابة بالزهايمر . وحقيقة الامر لا يوجد الى الان علاج نهائي لهذا المرض وانما تكون العلاجات تسكينية للمرض ومنع الانتكاسة الكلية الى حد ما .
الفنان ويليام أوترمولن
ولد الفنان والرسام وليام اوترمولن سنة (1933) ويعتبر من ضمن المجاميع الاولية للمهاجرين الالمان الذين اعتقلوا الى الولايات المتحدة الاميركية .
عمل ويليام اثناء فترة حياته كرسام مختلف الاهتمامات الفنية في الرسم من فن الرسم التشخيصي الى الانطباعي في وبعض الاحيان كان فناناً سوريالياً. ليكون لهذا الفنان سيرة فن حافلة بالعديد من اللوحات القيمة والمشاركات الدولية ،ليتوفى هذا الفنان سنة (2007) بعد معاناة مع مرض الشيخوخة (الزهايمر) استمرت لاكثر من عقد من الزمان ،فقد تم تشخيص اصابة ويليام بمرض بمرض الشيخوخة سنة (1995) وفي حقيقة الامر كان وليام قد اصيب بهذا المرض قبل سنوات قليلة من تشخيصه.
ان الشيء الملاحظ في سيرة هذا الفنان انه كان يرسم صورته الشخصية بين فترة واخرى مستنداً بذلك الى ذاكرته التي بداءت تتدهور نتيجة مرض الشيخوخة فكان اخر صورة تمت رسمها بنفسه لوجهه صورة لا تحتوي على اية ملامح لوجهه نتيجة فقدان الذاكرة وكانت اللوحة المرسومة عبارة عن تخبط في الالوان مع وجود رسم لفتحتي الانف في اللوحة ،وهذه اللوحة اقرب الى لوحة خيالية وشخبطة فرشاة فيما لو تمت مقارنتها مع لوحاته التي سبقت هذه اللوحة الاخيرة حيث كان الرسام مصراً على الاستمرار برسم نفسه ومنذ الاصابة بالمرض ومستنداً في الرسم الى ما تجود به ذاكرته المصابة بالشيخوخة.
التحالفات السياسية والشيخوخة
المعروف على مستوى العالم وعلى مر التاريخ الانساني ظهور تحالفات سياسية وعسكرية وادارية بين انظمة ودول مختلفة لغرض المحافظة على استمرار وجود فاعل لاطراف التحالف لاطول فترة ممكنة بناءاً على المصالح المشتركة او المخاوف المشتركة وعلى هذا المنوال تتعاون الانظمة فيما بينها مع مرور الوقت ومع الاخذ بنظر الاعتبار امكانية تخلخل هذه التحالفات وتحول اعضاء التحالف لاسباب سياسية وتقاطع للمصالح الى اضداد فيما بعد ضمن فترات زمنية مختلفة.
من الامثلة على التحالفات المعاصرة ( حلف وارسو ) والذي كان يضم الاتحاد السوفيتي وجمهورياتها اضافة الى الدول الاشتراكية في معظم بقاع العالم ، وايضا ( حلف الشمال الاطلسي )والذي يضم الدول الغربية والولايات المتحدة الاميركية.
الذي يهمنا هنا هو حلف وارسو والاتحاد السوفيتي كمثال على الاحلاف وتغيرها الى الاضداد ،حيث كانت فيهما روسيا واوكرانيا متحالفين وبقوة بصيغة روسيا والجمهوريات الروسية الى حين انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال اوكرانيا وظهور الاتحاد الروسي وانتهاء هذا الحلف .لتتحول العلاقة الوطيدة والتحالف بين اوكرانيا وروسيا الى علاقة توجس ومراقبة وبعد مرور فترة زمنية تحولت الى علاقة الوعد والوعيد لتنتهي هذه العلاقة الى حالة عداء وحروب فيما بعد في الوقت الحالي ، مما يعني ان الناظر الى التحالف الروسي الاوكراني في خمسينيات القرن الماضي وما بعدها من عقود من السنوات سوف يرى صورة واضحة وبهية لهذا التحالف ولو اعاد الناظر الرؤية الى الوضع الحالي بين اوكرانيا وروسيا فانه سوف لن يجد اية ملامح باقية مما كان عليه التحالف في خمسينيات القرن الماضي وهذا بالضبط حال رسم اللوحة للفنان وليام أوترمولن السابق ذكره والذي اضاع ملامحه في اللوحة الاخيرة من حياته بل كانت اللوحة لا علاقة لها للوحات السابقة .
ماذا لدينا في العراق
العراق ابان النظام السابق قبل احداث وتغيرات سنة ٢٠٠٣ كانت هناك معارضة واسعة الاطياف خارج حدود البلاد بالضد من نظام البعث وكانت تتمثل هذه المعارضة بصورة رئيسية بالاحزاب والحركات الكردية والشيعية وحركات واحزاب معارضة اخرى اقل نفوذاً وفاعلية في الساحة وفي الدول المضيفة لهم وكانت الاحزاب والحركات الكردية والشيعية هم الوحيدون على الاغلب ممن يمتلكون اجنحة مسلحة تقوم بعمل مهمات داخل الاراضي العراقية متى ما سنحت لهم الفرصة.
ان العلاقة بين تلك الاطراف المعارضة بصورة عامة كانت جيدة وذات نسق معقول لكن العلاقة الكردية- الشيعية كانت اقوى من الجميع وصولاً الى حصول تحالف بينهم مكللاً بفتوى اية الله الحكيم في تحريم القتال بالضد من الكرد والحركات الكردية.
فيما تعزز هذا التحالف او (الحلف الكردي - الشيعي )خاصة بعد 1991 حينما ظهرت الى الساحة لاول مرة جغرافية المنطقة الامنة المتمثلة بكردستان العراق ، ليكون كردستان العراق منطلقا للعمل الجماعي للمعارضة العراقية وليكون التحالف او ( الحلف الكردي - الشيعي ) سيد الموقف هناك منطلقاً من متبنيات سياسية ومجتمعية وليكون اساس هذا التحالف الشعور بالمظلومية وانتقاص الحقوق والمخاوف المشتركة المتمثلة بالنظام البعثي انذاك .
ماذا الان ؟
يبدو ان التحالف او (الحلف الكردي - الشيعي )قد وصل الى الشيخوخة او هكذا يُراد لهذا التحالف فمنذ سنوات تحول التحالف الى منافسة الى اتهامات ومناوشات الى عدم وضوح في الرؤية الى مطالبات بالحقوق والاستحقاقات ( بغض النظر عن السبب والمسبب فنحن نناقش الحالة كنتيجة). وبمقارنة بسيطة بين لوحات الفنان وليام أوترمولن ووضعية التحالف الكردي - الشيعي سوف نجد بصورة جلية ان هذا التحالف في الوقت الراهن اختلف صورته كلياً عن فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حيث قارب هذا التحالف على الاختفاء من خلال اختلاف الرؤية في كيفية (الادارة) في مختلف الملفات السياسية ، مما قد ينبىء بوصول هذا التحالف الى الشيخوخة او ابعد من ذلك، ليكون سيرة هذا الحلف بهكذا تحورات مشابهةً لمراحل رسم اللوحات ايضاً ، فالمتلقي او المتابع الحالي للعلاقة الكردية -الشيعية سوف لن يحضر في ذهنه بان العلاقة كانت عبارة عن تحالف متين ابتداءاً فالصورة النهائية تختلف جملة وتفصيلا عن الصورة الاولية .مما سوف تؤدي بالنتيجة الى ظهور تحالفات جديدة لكل طرف على حساب طرف اخر ولنرى في المستقبل القريب لوحات جديدة بفلسفات اخرى ولتكون ايضاً لوحات جديدة في مسار الديموقراطية العراقية لاسيما وان الديموقراطية نفسها تعاني من العزوف في المشاركات الانتخابية كصيغة اخرى لتغير وتحور للوحة وصورة التحالف بين المواطن وبين المتبنيات السياسية .