توصف الادارة الرشيدة بأنها مجموعة من الانشطة اللازمة لتخطيط برنامج العمل لتحقيق اهداف السياسات العامة للدولة، ووضع البرنامج موضع التنفيذ، والتأكد من ان النتائج تتفق وما تسعى السياسة العامة لتحقيقه.
حيث يسعى الاداء الحكومي الى الكشف عن الانحرافات في تنفيذها، ودراسة اسباب هذه الانحرافات ، وقد ركز الباحثون في مجال تحليل السياسات على معايير الكفاءة والكفاية فيها، حيث عرفت كفاية السياسة بأنها المدى الذي تحققه السياسة العامة من المنافع والفوائد الذي تتوخى تحقيقه، واخذها النتائج غير المرتقبة بعين الاعتبار.
ويتضمن الاداء الحكومي للسياسات العامة عدة خطوات ينبغي القيام بها كـ (اعداد الخطط اللازمة واتخاذ القرارات، بناء الاجهزة الادارية واعطائها الصلاحيات الكافية للتنفيذ، تخصيص الاموال اللازمة وتحديد الحوافز، ووضع المعايير والاجراءات الرقابية)).
وهناك عدة مؤشرات يمكن الاخذ بها في الاداء الحكومي للسياسات العامة وتنفيذها، واهمها:
1.مؤشرات القدرة المؤسسية، وما يرتبط بها من مؤشرات متعلقة بفاعلية ادارة مؤسسات الدولة ومؤشرات التنظيم والضبط الدولية.
2.مؤشر مدركات الفساد.
3.المؤشرات التفاعلية للادارة الرشيدة داخل الدولة وما يرتبط بها من مؤشرات فرعية تتصل بالمساءلة العامة، ودرجة كفاءة الادارة العامة، وسيادة القانون، والسيطرة على معدلات الفساد، والمؤشر التنظيمي الضبطي لجهاز الادارة العامة.
وتمثل عملية التطبيق العملي للسياسة العامة نقطة اتصال هامة بين السياسات العامة بشكل عام واجهزة الدولة التنفيذية، وتتولى الادارة الرشيدة مسؤولية صنع وتنفيذ السياسات العامة، وتتمثل بثلاثة طرق، هي:
1.خلال بلورة المعلومات وتزويدها للقيادة الرشيدة لاستخدامها في عمليات اتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة.
2.خلال التفسير والترجمة العملية للقرارات السياسات العامة المتخذة لغرض التنفيذ.
3.خلال عملية ضخ المعلومات التي بواسطتها يتم أشعار القيادات الرشيدة عن مختلف ردود الفعل الايجابية والسلبية في مرحلة التنفيذ والتطبيق على ارض الواقع، اما في مرحلة التنفيذ فأن دور القيادات الرشيدة يتكون من خلال القيام بالنشاطات التنسيقية والتنظيمية المطلوبة واتخاذ سلسلة من القرارات المساعدة التنظيمية التحضيرية والتوجيهية والاشرافية.
ولكي تحقق الادارة الرشيدة فاعليتها في الاداء الحكومي للسياسات العامة، ينبغي مراعاة المستلزمات التالية:
1.يجب على الادارة الرشيدة الاعتناء بصياغة السياسات العامة والاهتمام بوضوحها ، ومراعاة واستحضار الوسائل والادوات والموارد التي يمكن توظيفها لتنفيذ السياسات العامة.
2.ان تنفيذ سياسات عامة جديدة ينبغي ان لا تؤثر سلباً على تنفيذ السياسات العامة التي سبقتها، وعدم تغيير الميول والاتجاهات نحوها، وعند ظهور اي اختلاف او تباين في اهداف السياسات او اساليبها، يجب الوقوف عنده ومعالجته من قبل حدوث المشكلة والضرر.
3.يفترض بالادارة الرشيدة تحديد من يتولى تنفيذ السياسات العامة وحيثياته بوضع التوجيهات المسهلة لهم لكي لا تضطر الجهة المكلفة بذلك الرجوع للسلطة التشريعية او التنفيذية مرة اخرى لاستحصال الموافقات على اساليب تنفيذها.
4.يشترط توفر الكفاءة والاختصاص، على من ينفذ السياسة العامة، ان يكون لهم التزام او ولاء تجاه جوهرها ومخرجاتهم.
5.ان يكون المحتوى القيمي والفكري للسياسات العامة متطابق مع توجهات الادارة والنظام السياسي .
6.تعزيز الحوار والتعاون بين مؤسسات السياسات العامة والفهم المتبادل للسياسات الوطنية في القيادة والادارة، ، وتعزيز هذا التعاون عن طريق معالجة الاولويات ذات الاهتمام المشترك، وتأمين اقصى درجات الدعم المالي، والتنمية والتطوير في جميع المجالات المختلفة.
7.اعداد خطط تنظيمية حديثة لاستخدامها كمراجع للمستويات الادارية المختلفة تتضمن تحديد الواجبات والمسؤوليات وخطط السلطة والصلاحيات والعلاقة بين الادارات المختلفة من اجل خلق علاقات عمل واضحة تتفادى الازداجية والتداخل في انجاز الاعمال.
8.تطوير القيادات وتعزيز التراكم المعرفي لديها من خلال اشاعة الاساليب الادارية الحديثة في العمل من خلال تطوير المهارات الادارية والفنية.
9.اشاعة مفاهيم الديمقراطية والادارة المشاركة في اتخاذ القرارات لتعزيز القناعة والولاء لدى العاملين في مؤسسات الجهاز الاداري وتقليل مقاومة التغيير التي تصاحب عمليات التطوير والعمل على رفع الروح المعنوية.
10.التركيز على اعتماد اساليب المحافظة على الموارد البشرية وتعزيز دورها في العملية الانتاجية ومراعاة ظروف العمل وتحسين البيئة وتعزيز دور السلامة المهنية.
11.العمل على وضع برنامج وظيفي شامل يحقق الاستثمار الافضل لقدرات ومجهودات الموارد البشرية وتحليل الاعمال ووصف الوظائف واختيار العاملين واعادة توزيعها وصولاً الى الارتفاع بمستوى الاداء الفردي والجماعي.
12.زيادة فعالية العملية التدريبية بمختلف انواعها وربط التدريب بتقويم الاداء وتعزيز حالات الابداع والتطوير والعمل على وضع خطط تدريب تتناسب مع الاحتياجات التي تحددها مؤسسات الجهاز الاداري.
13.الاهتمام ببرامج تقويم الشفافية والنزاهة والمساءلة الادارية ومكافحة الفساد الاداري لتعزيز انتماء الموظف لوظيفته والتزامه بأخلاقيات وقيم العمل التي تعكس مستوى عالياً من الاخلاص والتفاني.
14.استخدام التقنيات الحديثة في بناء قواعد المعلومات للاسهام في دعم عمليات وضع الاهداف وتحديد السياسة واتخاذ القرارات.
15.تطوير الاساليب والاجراءات المعتمدة من قبل مؤسسات الجهاز الاداري لتتماشى مع متطلبات التطور والنهوض بالاداء الحكومي.
16.دعم الاجهزة الرقابية من خلال:
ـ ضمان استقلاليتها.
ـ تعزيز الصلاحيات الممنوحة لها بموجب القوانين المختصة لكل منها.
ـ تطوير القوانين وبما يتلائم مع متطلبات المرحلة الراهنة.
ـ اعتماد مخرجات اعمالها كأحد ادوات تقييم الادارات.
من ما تقدم نستنتج ما يلي :
1.ادت التغييرات السياسية الى زيادة دور المواطن كرقيب على الاداء الحكومي ويتمثل ذلك من خلال العديد من المطالبات الشعبية باتجاه توفير وتحسين الخدمات.
2.اصبحت الادارة الرشيدة بممارستها ومبادئها حاجة فعلية ومتطلباً اساسياً لللادارات المختلفة والتي من الواجب الايفاء بمتطلباتها في سبيل تحسين نوعية الحياة في مجتمعاتها، استناداً الى قراءة الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصاد والاداري.
3.باتت الحاجة الى اصلاح منظومة الادارة العامة من خلال آلياتها ووسائلها الاساسية، وذلك بواسطة ادخال انماط جديدة ومعاصرة تفي بالمتطلبات المحلية والعالمية .
4.ان مبادئ الادارة الرشيدة من شفافية ومشاركة ومساءلة وغيرها اذا ما طبقت بشكل فاعل في الاداء الحكومي، يؤدي بالتأكيد الى تعزيز وتطوير والمحافظة على اسلوب الحكم السياسي المتبع في بلد ما، وتجسد اسلوب الحكم وفلسفته، ومن ثم فأن الادارة الرشيدة في الاداء الحكومي هي معيار نجاح النظام السياسي والاقتصادي والاداري فيه.
5.ان مرحلة تنفيذ السياسات العامة تواجه صعوبات عديدة، من اهمها: غموض الرؤية، وضعف الدافعية، وغياب التخطيط، الى جانب ضغوط من قبل اصحاب المصالح.
6.غموض التشريعات والنصوص مما جعل اهداف السياسات غير واضحة.