نزاع تجريم التطبيع بين الأمس واليوم

جمال الاسدي
30/05/2022

اورد البعض ملاحظاته حيال قانون تجريم التطبيع مستندا الى وجود نصوص قانونية تغطي المساحات الكافية ولا حاجة لتشريع القانون ، وكتبنا في عدة مرات سابقة في نقاشات عديدة بأن قانون العقوبات لايكفي مع التطورات الحاصلة في المنطقة ، وهناك من يعتبر ان النص الموجود في المادة 201 من قانون العقوبات يكفي وهو حقيقة من الناحية القانونية البحتة لايغطي ذلك ، وعلينا ان نفهم بأن العراق سابقاً سلطته القضائية مرتبطة بالسلطة التنفيذية وان قراراتها تأخذ اتجاهها بمزاج السلطة الحاكمة وايضاً كانت الدولة تؤسس محاكم خاصة وتحكم حتى بدون اي تحقيق وبدكتاتورية واجرام كامل ، اما اليوم ومع وجود قضاء له سلطة مستقلة وقرارات لايمكن قانونياً التأثير عليها فهنا الوضع اختلف واصبح النقاش القانون والفقهي ممكن ويستمع له على العكس من السابق الذي لايوجد نقاش الا لحكم السلطة .
بصراحة اليت على نفسي الدخول في نقاشات عامة بهذا الموضوع وذهبت للتوضيحات والتعليقات حتى لا ادخل في جدل اكاديمي غير متوازن او متخصص ومع ذلك ولكثرة الكلام ومع انه يتطلب جهداً وبحثاً  اضافيا في هذا الموضوع سابين الاتي :-
 نص المادة 201 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 على ان (( يعاقب بالاعدام كل من حبذ او روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية، او انتسب الى اي من مؤسساتها او ساعدها ماديا او ادبيا او عمل باي كيفية كانت لتحقيق اغراضها )) .
وباعتبار ان هذه المادة العقابية كافية ولاتحتاج اي تعديل قانوني ، وصراحة ابتعدت سابقاً الرد بهذا التفصيل الذي ساكتبه ادناه لاسباب عديدة منها قضايا تاريخية تخص موضوع الدفاع عن القضية الفلسطينية .
موضوع الصهيونية او الماسونية لا علاقة له بتجريم التطبيع والتعامل مع اسرائيل لان المبادئ الصهيونية والماسونية مبادئ عامة تنتشر في الكثير من الدول ولاعلاقة لها في موضوع اسرائيل 
فالصهيونية ، هي حركة سياسية يهودية، ظهرت في وسط وشرق قارة أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر ودعت اليهود للهجرة إلى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد ورفض اندماج اليهود في المجتمعات الأخرى للتحرر من معاداة السامية والاضطهاد الذي وقع عليهم في الشتات .
والماسونية كتعريف لها هي منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الأخلاق، الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بخالق، تتصف هذه المنظمة بالسرية .
ولكن واقع الماسونية غير ذلك وايضاً الماسونية انتشارها في الولايات المتحدة وبريطانيا واوربا اكثر من انتشارها باسرائيل
والترويج يخص الامور المادية والتي تعني الكتب والمؤلفات المنشورات او المواد والعلامات اما التحبيذ فتعني شرح الافكار لتحبب من قبل الاخرين وتعني بمعنى اخر التبشير بهذه الافكار .
وهذين المصطلحين يذهبان الى الافكار وليس لشيء اخر ، فالماسونية او الصهيونية هي افكار مطروحة وموجودة في دول عالم عديدة واذا فرضاً تم العمل بتجريمها فعلى العراق عدم التعامل مع الاف الاشخاص الاجانب الذين هم اما منتمين للماسونية او لديهم قبول للفكر الصهيوني وهم في العراق
لايوجد نص في اي قانون عراقي يعرف ماهية الصهيونية ولم ترد في اي قانون ماعدا في نص المادة 201 ونص بيان منع ادخال النشرات والمطبوعات في 14 / 8 / 1966 والذي ينص على (( قررنا منع ادخال النشرات والمطبوعات والدوريات التي تصدرها المنظمة الصهيونية (BNAI B’RITH WONEN او احد فروعها الى العراق ومن بينها جريدة (B’NAI B’RITH WOMEN’S WORLD) ومصادرة ما يرد منها في المستقبل . ))
اما كدولة عراقية رسمياً وليس اعلامياً كانت تتعامل مع الكيان الصهيوني بتسمية اسرائيل كما في قرار رقم (11) مكتب مقاطعة اسرائيل والصادر في 25 / 6 / 2002 وهو اخر قرار صدر للعراق الى اليوم والذي ينص على (( ادراج الباخرة الروسية – SORMOVSKIY في القائمة السوداء لمخالفتها احكام ومباديء المقاطعة العربية لاسرائيل لعدم تقديمها المعلومات المطلوبة خلال الفترة المحددة . ))
ونضيف كذلك بأن كلمة "صهيوني" مشتقة من الكلمة صهيون عبرية: ציון وهي أحد ألقاب جبل صهيون في القدس كما هو ورد في سفر إشعياء .
والصهيونية كحركة سياسية اسست في واشنطن تم صدر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379، الذي اعتمد في 10 نوفمبر 1975 بتصويت 72 دولة بنعم مقابل 35 بلا (وامتناع 32 عضوًا عن التصويت)، يحدد القرار "أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيديولوجية الصهيونية التي حسب القرار تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين.[32] وكثيرًا ما يستشهد بهذا القرار في المناقشات المتعلقة بالصهيونية والعنصرية. 
لكن ألغي هذا القرار بموجب القرار 46/86 يوم 16 ديسمبر، 1991. إذ اشترطت إسرائيل إلغاء القرار 3379 لقبولها المشاركة في مؤتمر مدريد 1991.فصوت على القرار بالتأييد 111 وامتنعت 13 وكانت ضد 25 .
وهناك حركات سياسية تعمل نفس قوة وحركة الحركة الصهيونية في دعم اليهود أو 
هجرة اليهود الى ارض الميعاد كما يسموها في فلسطين المحتلة وهي كالاتي :-
1- البرثيون
منظمة بْـني بْـرِثْ B'nai B'rith (أبناء العهد) .
2- الليحيون 
منظمة ليحي Lehi: المعروفة بمنظمة (شتيرن) - نسبة إلى مؤسسها الأول إبراهام شتيرن (1907- 12 فبراير 1942م)
3- الايباكيون
منظمة أيباك AIPAC: وجاء اسمها اختصارًا “للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية”The American Israel Public Affairs Committee (AIPAC
4- منظمة “بتسيلم Btselem” أسست في عام 1989م
5- ال ( JDC )
اللجنة اليهودية الأمريكية المشتركة للتوزيع American Jewish Joint Distribution Committee .
6- منظمة مؤتمر رؤساء الجمعيات اليهودية الأمريكية الرئيسية: Conference of Presidents of Major American Jewish Organizations .

وهذه المنظمات اذا اردنا التوصيف القانوني لها فهي كلها غير موجودة او مصنفة في قانون العقوبات العراقي وتم سد الفراغ التشريعي في قانون تجريم التطبيع .
العراق تاريخياً قد الغى التعامل القانوني مع الطوائف اليهودية قانون الغاء قانون الطائفة الاسرائيلية رقم 77 لسنة 1931 وتعديلاته والانظمة الصادرة بموجبه في القرار المرقم 109 الصادر في 1963 باعتبار ان (( اختلال كيان الطائفة اليهودية في العراق اختلالا شديدا بحيث ادى الى فقدانها صفة الطائفة المقصودة بالقانون وذلك بسبب هجرة اليهود الى خارج العراق )) .
العراق ووفق قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 1293 لسنة 1975 / (منح حق العودة لليهود) سمح لليهود العراقيين الذين غادروا العراق منذ عام 1948 العودة اليه  ، حتى وان كانو في اي مكان بما فيها الاراضي الفلسطينية المحتلة وان يتمتع اليهود العراقيون العائدون الى العراق بموجب هذا القرار بجميع الحقوق المشروعة للمواطنين العراقيين وفق القانون . 
مع ملاحظة ان قانون تجريم التطبيع فيه ضعف واضح في ايراد الصياغات القانونية وسبق وان بينا انه هو واغلبية التشريعات من 2006 الى اليوم لاتراعي الصياغات المطلوبة وليس لها فلسفة تشريعية ثابتة وفيها جنبة ورود الكلمات والمصطلحات ذات العمومية بكثرة ، وتعاني من تأثر السياسة والعاطفة اللحظية والتشديد في العقوبات قياساً للافعال ، ولاتحسب الاثر السلبي لاثار العقوبات ، ومع ذلك يعتبر قانون تجريم التطبيع من اشجع القوانين التي سنتها المجالس التشريعية العراقية منذ تأسيسها الى اليوم .