بعد مضي اكثر من شهر على انسحاب التيار
الصدري من المشهد البرلماني واستبدال نوابهم بنواب جدد معظمهم من الاطار التنسيقي،
فشلت قيادة الاطار في اختيار مرشحها لرئاسة الوزراء باعتباره الكتلة الأكبر الآن
مما ينذر باستمرار الانسداد السياسي.
الاطار تذرع بداية بالعطلة التشريعية
للبرلمان ومن ثم بعطلة عيد الأضحى كذريعة لحسم ملف ترشيح رئيس الوزراء القادم وبات
السبب الأساس واضحا في شدة التنافس على المنصب بين قياداته الرئيسية طمعا بنيله من
قبلها حيث اشتد التنافس بين رؤساء ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وتحالف الفتح هادي
العامري وتحالف النصر حيدر العبادي، وتعد رغبة كل منهم بالتصدي للمنصب في إطار ماوصف
بالإستحقاق الإنتخابي بعدما تحول ادائهم المتواضع في الانتخابات الى نصر كبير إثر انسحاب
التيار الصدري.
تنافس الزعماء و الخط الثاني
هادي العامري من جانبه أعلن في بيان
له أصدره يوم 11تموز "اني لست مرشحا لهذا المنصب (منصب رئيس مجلس الوزراء)
وارفض ترشيحي ممن يرى صواب ذلك من الأخوان" فيما كشفت مصادر موثوقة داخل
الاطار بان العامري تراجع عن قراره خلال إجتماع الاطار المنعقد يوم 15تموز وابلغ
قيادات الاطار بان ضغوطات كبيرة داخل تحالف الفتح طالبت بالمنصب كونه استحقاق إنتخابي
الى جانب كونه مسؤولية وطنية.
رئيس إتلاف دولة القانون من جانبه
ألمح الى رغبته بالمنصب رافضا الإشارة الى عدم رغبته بالتخلي عن التنافس على غرار ما
أعلنه العامري يوم 11تموز، مبلغا المقربين منه بانه لم يعلن ترشيحه أصلا فلا داعي
لاصدار بيان بهذا الصدد، لكنه سيلبي رغبة من يطالبه بتولي المنصب.
اشتداد حدة المنافسة بين العامري
والمالكي كفيل بتعطيل عملية الأختيار، كونهما يمثلان القطبين الأبرز لقيادة الاطار
التنسيقي وكل منهما قرابة ثلث مقاعد الاطار، مما يصعب على المرشحين الاخرين منافستهما.
الملاحظ ان غالبية الطيف السياسي
تتأمل بل ترغب بإختيار شخصية من الخط الثاني بدل القيادات التقليدية التي سبق لها وأن
تولت مسؤوليات حاكمة في الماضي القريب، بيان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من جانبه
أعلن إنحيازه بالذهاب نحو هذا المنحى فبعد أداء صلاة الجمعة الموحدة التي دعا اليها
يوم 15تموز قال "كلّنا سمعنا مقولة (المجرَّب لا يُجرَّب) وأردفناها بالـ(شلع
قلع) فلا تعيدوا المجرَّب فإنّه سيستمر بغيّه، فلا نريد أن تعاد المأساة القديمة ويباع
الوطن وتتكرر سبايكر والصقلاوية" وبالتالي فأن تأكيد الصدر هذا سيزيد من حظوظ
قيادات الخط الثاني.
وتيرة الاجتماعات داخل الاطار التنسيقي
تصاعدت بعد ان اعلان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي انتهاء العطلة التشريعية في تغريدة
له يوم 15تموز قال فيها "ادعو الإخوة والأخوات رؤساء القوى السياسية والكتل النيابية
إلى تحمُّل المسؤولية وحسم الحوارات للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية" مما دفع الاطار
التنسيقي للإجتماع مساء ذات اليوم واصدر بيانا ذكر فيه "اقر الاطار التنسيقي انعقاده
الدائم في جلسة مفتوحة ومستمرة لإختيار رئيس الوزراء خلال الايام القليلة القادمة وفق
الاليات التي وضعها الاطار لذلك " في إشارة الى ان العد التنازلي لحسم ملف اختيار
رئيس الوزراء قد بدأ فعلا وان القوى السياسية داخل الاطار باتت تشعر بالضغط الداخلي
والخارجي لحسم هذا الملف.
آلية الاختيار وحسم الحوار
الاطار التنسيقي لم يعلن عن الآلية
التي سيعتمدها لحسم ملف ترشيح رئيس الوزراء بالرغم من اجتماعاته الماراثونية، اذ ناقش
تشكيل لجنة خماسية من قيادات الاطار كلفت بمهمة تدارس ومناقشة الإختيار المنتظر وتسمية
المرشح الموعود من بين الأسماء المقترحة، الا ان هذه اللجنة مازالت قيد الأقرار ولم
تباشر أعمالها بعد. ويشكك بعض المراقبين بقدرة هذه اللجنة على حسم الملف لوجود تقاطعات
مرتبطة بمصالح وتوجهات اعضاء اللجنة ذاتها، خاصة وأن بعضهم يطمح للظفر بالمنصب على
حساب غيره.
يبقى الخيار الاخر هنا الذهاب الى
الهيئة العامة للاطار التنسيقي، مما يعني عقد اجتماع موسع لجميع النواب الأعضاء في
الاطار التنسيقي يتم خلاله اختيار المرشح من خلال التصويت وهو ذات الخيار المعمول به
في حسم المنافسة بين إبراهيم الجعفري وعادل عبدالمهدي عام 2006. إلا أن هذه الآلية
قد تسفر عن ترجيح كفة الكتلتين الكبيرتين داخل الاطار وهما دولة القانون وتحالف الفتح،
مما يعني عودة اشتداد حدة التنافس بين قيادتي الكتلتين، أضف الى ذلك ان التدخلات
الخارجية سوف تزداد بالتأكيد عند التصويت اذ ان النواب الأعضاء في الاطار سوف
يتعرضون لضغوطات ومحاولات التأثير عليهم سواء بالترغيب او التهديد.
يرى مراقبون بان الفرصة الذهبية التي
اهداها زعيم التيار الصدري الى الاطار التنسيقي توشك ان تتبدد وسط تصاعد الخلافات
الشخصية بين قادة الاطار، وان فشلهم في حسم الملف قد يتسبب في فوضى سياسية وتعميق الانسداد
بدلا من معالجته أو التخفيف من حدته على ادنى تقدير ، وبهذا السياق يقول السياسي العراقي
عزت الشابندر "اذا لم ينجح الاطار في عبور الاختبار فلن تقوم لأطرافه قيامة بعدها"
يشاركه بتخوفه هذا العديد من المراقبين الشيعة، حتى بعضهم يرى بأنهم أمام
آخر فرصة لثبات وأستقرار وأستمرار الحكم الشيعي، وأن القادم سيكون مجهولا بل
ومحملا بما هو اسوء من المتوقع.
امام الاطار وقياداته فرصة واحدة
لحسم ملف مرشحه لرئاسة الحكومة القادمة على نحو عاجل بعدما استنفذ مبررات ومسوغات
التباطئ والتأخير، وأن الفشل هذه المرة لن يفسر سوى بالتنازع والصراع من أجل
المصالح الشخصية والحزبية على حساب المصالح العامة للبلاد. ترى من سيكون بإمكانه تحمل
مسؤولية مثل هذا الفشل ومواجهة تبعاته وتداعياته ؟! ذلك ما ستكشف عنه الأيام القليلة
القادمة، لننتظر ونرى أذن.
ـ رئيس المجلس الإستشاري العراقي