ما ان تم أنتخاب لطيف رشيد لمنصب رئيس الجمهورية حتى كلف بدوره مرشح الكتلة الأكثر عددا (الاطار التنسيقي) محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة المقبلة في ١٣ تشرين الأول.
السوداني من جانبه شرع بحراك سريع ومكثف لاكمال مهمته قبل المدة الدستورية البالغة ٣٠ يوما إعتبارا من تأريخ التكليف بحسب ماتعهد به. لكن خلافات نشبت خلال الساعات الأخيرة بين قوى سياسية حول مناصب سيادية.
طبقا لتسريبات من داخل كواليس الحراك السياسي فأن الخلاف الراهن بين الكتل المتنافسة داخل الاطار يتمحور على الوزارات السيادية دون غيرها منها النفط والداخلية، وهناك اكثر من كتلة تريد الهيمنة على هذه الوزارة أو تلك.
بعد اشتداد الخلاف والتسريبات التي رافقته أضطر الاطار التنسيقي أمس لإصدار بيان قرر فيه تفويض المكلف باختيار وتسمية الوزراء من بين الأسماء المرشحة.
الى ذلك أشتدت المنافسة بين حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني على عدد من الوزارات المقرر منحها لكليهما، مما اذ أضطر المكلف إضافة وزارة رابعة الى حصة الكورد، الا ان هذه الأضافة زادت من حدة الخلاف والمنافسة بين الحزبين. الديمقراطي الكردستاني بات يطالب بثلاث وزارات مقابل وزارة واحدة لغريمه في حين كان التوزيع السابق يمثل وزارتين له مقابل وزارة واحدة للإتحاد الوطني.
على صعيد متصل فأن بوادر صراع ظهرت داخل المكون السني بين تحالفي عزم والسيادة من جهة وبين تقدم وعزم من جهة اخرى، وهذا الصراع ليس اقل عمقا بين مايجري داخل المكونين الشيعي والكوردي، وتنازعهما على عدد ومستوى الحقائب الوزارية. السيادة هنا يطالب بعدد أكبر من منافسيه لانه يشكل الكتلة الأكبر سنيا، وعزم من جانبه يطالب بأكثر من استحقاقه العددي بإعتبار أن السيادة حصل على منصب رئاسة مجلس النواب.
وحيال كل مايجري داخل الأبواب المغلقة للكتل النيابية وأحزابها السياسية فأن المكلف بتشكيل الكابينة الوزارية محمد شياع السوداني يسعى بدأب وحرص واضحين الى تمرير كابينته قبيل ٢٥ تشرين أول الجاري، وسط عودة القوى السياسية الى ما دأبت عليه من منكافات وسجالات وأختلافات تتصل بمصالها أولا دون الألتفات الى المصلحة العليا وما تتطلبه من تدارك مسؤول للتأخير الخاصل في تنفيذ وتلبية الإستحقاقات الإنتخابية، حتى وصل الأمر ببعض هذه الكتل الى العودة الى إستعمال لغة لي ذراع المكلف ومحاولة فرض خياراتها وبالتالي تمرير اجندتها الخاصة على حساب ماتتطلبه مهمة المكلف من حرية الأختيار بغية تحمل مسؤولية نجاح أول فشل حكومته القادمة. وأن كل مايقال من وعود بابداء المرونة وتقديم مصلحة البلد على المصالح الحزبية والفئوية والمكوناتية بات مجرد كلام ليل يمحوه النهار.
ويبدو أن القوى السياسية نسيت او تناست ان العراق اليوم على حافة هاوية قد تذهب بالجميع نحو الإنهيار. وما سرقة القرن التي شغلت الرأي العام والشارع العراقي برمته ما هي الا غيض من فيض مما أصاب البلد من بلاء الفساد الذي ينخر بجسد الدولة وسلطتها الحاكمة منذ ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا، وأن ماخفي كان أعظم وأخطر من كل التصورات.
المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي يراقبان عن كثب مسار تشكيل الحكومة ومستجداته اليومية، وهما يشددان على أن قوى الاطار التنسيقي في حال فشلت في تشكيل وتمرير الحكومة المرتقبة فانها لن تكون قادرة على تشكيل اية حكومة مستقبلا.