يمكن
تعريف مصطلح (ادارة العقول ) بانه احد اساليب ادارة المؤسسات الانسانية حيث يتم الاعتماد كليًا على
نتاج العقل للفرد بدون مراجعة هيئته او
الخوض في تفاصيله ، وفي بعض المؤسسات المتطورة تم ادراج اقسام ادارة العقول بدلا
عن اقسام الافراد او الذاتية والتي هي مصطلحات ادارية قديمة مقارنة بادارة العقول.
اما
(عقلية الادارة) فهي اختيار افراد ذات عقلية ممنهجة ومنظمة و محدثة لغرض ادارة
مرفق معين ،وبكل الاحوال هناك الادارة الكلاسيكية والتي يمكن للكثيرين العمل عليها
وهناك ادارة خارج الصندوق وتلك اسس النجاح والتطور.
لغرض
نجاح اي مؤسسة لابد التفريق بين ادارة العقول وعقلية الادارة حيث تاتي ( عقلية
الادارة ) قبل ادارة العقول وتتمثل عقلية الادارة بالقيادة للمؤسسة فيما تكون (
الادارة) تغذية العقول اي مدخلات المعلومات والمهام ومراقبتها للمنتسبين في المؤسسة (العقول) لتستلم الادارة مرة اخرى
مخرجات تلك العقول ولتكون المجمل عملية ( ادارة العقول).
مرة
اخرى نقول ان ادارة العقول تتبع عقلية الادارة فلو كانت العقلية ناجحة فستكون
العقول مبدعة فيما بينهم الادارة كمدخلات وكمخرجات.
شركة
اوبر مثالاً دوليًا
تأسست
شركة أوبر تكنولوجيز (Uber) في الولايات المتحددة الاميركية لتتحول
بسرعة فائقة الى شركة متعددة الجنسيات حيث تأسست الشركة رسميا سنة 2009 لتدخل الى
العالمية سنة 2016 (سبع سنوات فقط من التأسيس الى العالمية ) لتكون لهذه الشركة
ارتباطات افتراضية على الانترنت لحوالي 80 مليون وعملاء على جميع مستوى العالم .
واذا ما امعنا النظر في هذه الشركة سنجد المؤسسين في تلك الوقت كانوا من الفئة
الشابة والذين يمتلكون عقلية التفكير خارج الصندوق بالتالي لديهم (عقلية ادارة)
مثلى ، ومما زاد من نجاح شركتهم هو جلبهم لرئيس تنفيذي فذ وذات عقلية متقدة في
الادارة والاستثمار . لتكون نتيجة هكذا تجمع لعقليات ادارية ان تنتج افضل( ادارة
العقول )التي تعمل في الشركة او مع الشركة ولتقفز الشركة الفتية في غضون بضعة سنين
الى العالمية ولتكون ضمن تعاملاتها عشرات الملايين من البشر . اذن ومرة اخرى نجاح
عقلية الادارة سوف ينتج افضل عملية في ادارة العقول .
وبالطبع
هناك العشرات من قصص النجاح لشركات ناشئة ، وعلى المقياس الكبير هناك قصص نجاح
كبرى لدول كانت فاشلة ولكن مع الاتيان بعقليات ادارية ادارت عقول الدولة تحولت هذه
الدول الى واحدة من افضل الدول استقرارًا وصعوداً والامثلة اكثر من ان تعد
اقليمياً ودولياَ.
وزارة
الصحة مثالاً محلياً
تاسست
وزارة الصحة العراقية مع تاسيس المملكة العراقية سنة 1921ليكون الدكتور حنا خياط
اول وزير صحة للعراق ، بالتالي فان عمر هذه الوزارة تربو على القرن من الزمان .
كانت الوزارة ذات خطة طموحة واستمرت بهذا الحال لعشرات السنوات وصولاً الى
الثمانينيات من القرن الماضي لتدهور الخدمات الصحية نسبيًا بسب المجهود الحربي
ابان الحرب العراقية- الايرانية، وليستمر التدهور بعد ذلك بسبب الحصار الاقتصادي
وصولاً الى تغيير نظام الحكم في العراق بعد سنة 2003.
وزارة
الصحة بعد سنة 2003
حاولت
الحكومات المتشكلة بعد سنة 2003 ان تحافظ على معيارية منح وزارة الصحة لمن يحمل
شهادة في الاختصاصات الطبية وذلك من باب اهمية هذه الوزارة وارتباطها المباشر
بحياة الانسان ، الا ان نظام المحاصصة الفئوية والحزبية اخذ ماخذه من الوزارة مما
خلق هزات قوية وهزات ارتدادية في بنيوية الوزارة ونظامها الاداري القديم اساساً
مما خلق (عقلية ادارة )بفلسفة مختلفة كلياً عن الاسس المتوارث فيها وكانت النتيجة
اسلوب ادارة مغاير واسلوب تقييم مختلف للعقول الموجودة في الوزارة فكان المدخلات
فئوية ولتكون المخرجات تعثرات وتدهور في تقديم الخدمة.
ما
هو الحل؟
الحل
في وزارة الصحة يكمن في الايمان بان (الادارة الطبية )تختلف عن (طب الاداري )وفي
الحقيقة لا توجد طب اداري وهنا جوهر المشكلة ففي وزارة الصحة طبقا لنظام
الوزارة فتقريباً جميع المرافق الادارية
العليا هم من حملة الاختصاصات الطبية وهذه عملية غير صحيحة في المجمل ، فقد يكون
الشخص طبيب ناجح ولكن ليست بالضرورة ان يكون اداري ناجح وهكذا ، بالتالي اولى
الاصلاحات تكون بفصل الادارة عن الاختصاص يعني ان يكون مدراء المستشفيات مختصين في
(الادارة الطبية )وليس (طب اداري) ،كما يجب ابعاد جميع مرافق الوزارة عن المحاصصة
الفئوية والحزبية لتكون المدراء ممن يمتلكون عقلية ادارية مما يهيء السبل لانتاج
ادارة العقول والمتمثلة بالنخبة من الاطباء والاختصاصات الطبية . كما ويجب ابعاد
الوزارة عن القيام بمهمات بناء واعادة اعمار المستشفيات وفصل الدائرة الهندسية في
الوزارة والحاقها بوزارة الاعمار و الاسكان لتكون هذه من مهام تلك الوزارة ،
فوزارة الصحة وزارة قطاعية بامتياز وليس عليها اللجوء الى البناء و الاعمار
فالوزارة تمتلك عقول طبية وعليها ادارة هذه العقول والعمل على توفير الخدمة الطبية
للمجتمع بعيدًا عن اشغال الوزارة وقيادات الوزارة بمهمة بناء مستشفيات ومستوصفات
والاشراف على ذلك والتلكوء في اكمالها لسنوات ، ولاننسى قطاع (كيماديا) وضرورة
العمل على تاسيس مجلس خاص بالدواء والغذاء وتحويل هذا القطاع الى قطاع ريادي يحتكم
الى تلك المجلس بعيدا عن الضغوطات والبيروقراطية و و و و الخ . عليه نرى ضرورة حصر
عمل الوزارة في قطاعها الطبي وايجاد عقلية الادارة لغرض ادارة تلك العقول النيرة
المتمثلة بالقطاع الطبي في العراق.