يحتفل العالم كل عام بيوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني باعتباره يوماً للطفل العالمي، وهو ما أوصت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1954. ومنذ ذلك التاريخ اقترنت الطفولة بالتنمية بمعناها الشامل والإنساني والتي أصبحت تسمّى ﺑ«التنمية المستدامة» والتي تعني باختصار «توسيع خيارات الناس..»، وقد تطوّر هذا المفهوم ليشمل «حاجات الناس الحالية والمستقبلية» واكتسب عمقاً جديداً حين جرت بلورته ﺑ «تعزيز قدرات الناس الحاليين من دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة».
واحتلّ التعليم مكانة مهمّة في منظومة حقوق الطفل والتنمية المستدامة، وهو ما ذهبت إليه (قمة جوهانسبورغ 2002)، التي اعتمدت على 3 أقانيم، وهي: التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية البيئية، في ترابط عضوي لا انفصام بينها، لتحقيق أهداف التنمية بمختلف فروعها.
وقد بادر «المجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان» إلى عقد مؤتمر عربي - إفريقي لمناقشة أوضاع الطفولة تزامناً مع الاحتفال بيوم الطفل العالمي، تحت عنوان «حقوق الطفل من منظور أهداف التنمية المستدامة 2030» وتحت رعاية مجلس السيادة وبإشراف وزارة التنمية الاجتماعية، وبحضور واسع للفاعليات الحكومية المعنية بالتنمية والتخطيط والمالية وبقية القطاعات، إضافة إلى خبراء ومختصين ومؤسسات مدنية من مختلف البلاد العربية، في مشرقها ومغربها، إضافة إلى دول الخليج العربي، حيث تمت مناقشة قضايا الطفولة ارتباطاً بالتنمية المستدامة في إطار المشتركات العامة الجامعة، والأوضاع الخاصة في كلّ بلد، مع الأخذ في الاعتبار خطّة 2030 التنموية على المستوى العالمي، والتي تضمّنت 17 هدفاً.
وعلى الرغم من أن أهداف التنمية المستدامة 2030 لم تضع الطفولة بشكل مباشر ضمن أهدافها، إلّا أن الطفولة تندرج بشكل مباشر، أو غير مباشر، في صميم هذه الأهداف، لاسيّما القضاء على الفقر والجوع، والتمتّع بصحة جيدة وتعليم جيد، وبيئة نظيفة ومياه صالحة للشرب، وعمل، ومساواة، وسلام، وعدل، ومدن صحيّة.
ويُعتبر إعلان الخرطوم وثيقة متقدمة، حيث تضمّن 10 منطلقات أساسية استناداً إلى واقع الطفولة في منطقتنا، واسترشاداً بالمبادئ المنصوص عليها في الاتفاقيات والإعلانات الدولية، ولاسيّما اتفاقية حقوق الطفل الدولية لعام 1989 بشكل خاص، والحقوق الإنسانية بشكل عام.
ولعلّ الخطوة الأولى لوضعه موضع التطبيق هي توفير الأمن والأمان للأطفال بصورة خاصة، وللمجتمعات بصورة عامة، بما فيه: الأمن الغذائي والصحي والتعليمي والمائي والاجتماعي وكلّ ما له علاقة بالأمن الإنساني، فضلاً عن دور التربية والتعليم في التنشئة السليمة للأطفال، فلا تربية حقيقية للطفل من دون تربيته على المستقبل والمواطنة والسلام والتسامح وقبول الآخر واحترام التعدّد الثقافي والتنوّع الديني والاثني واللغوي وحق الاختلاف.
كما ينبغي تشجيع الأطفال للتعبير عن آرائهم وتنمية ثقتهم بأنفسهم وحمايتهم من العنف والإرهاب والاستغلال، خصوصاً أنهم أكثر ضحايا الحروب والنزاعات المسلّحة، حيث تنتشر المخدرات وأعمال القتل والاغتصاب والاختفاء القسري والاتجار والابتزاز والاستغلال، وتفشي ظواهر أطفال الشوارع والتسوّل، وغيرها.
الحديث عن الطفولة ذو شجون، خصوصاً في منطقتنا، وهو مؤشر أساسي ولا غنى عنه للتنمية بمعناها الإيجابي في التحقق والدلالة، أو بمعناها السلبي في التعثّر والنكوص، فالأطفال هم المحور الذي تقاس به درجة التقدّم والرقي.
وكانت البلدان الرأسمالية والاشتراكية تتسابق في تقديم أحسن ما لديها للاستثمار في الأطفال والطفولة، واليوم تعتبر البلدان المتقدمة أن الأطفال يمثلون الطبقة الأرستقراطية لما يتمتعون به من حقوق، وما لديهم من مستلزمات الرفاه الاجتماعي المادي والمعنوي. أما في منطقتنا فلا يزال الأطفال أقرب إلى البروليتاريا الرثّة، لمعاناتهم الشديدة، ولفقدانهم الكثير من الحقوق الأساسية كبشر.
ومن أهم مؤشرات حقوق الطفل الأساسية على المستوى الكوني الحق في الحياة والعيش بسلام ومن دون خوف كمدخل لبقية الحقوق، وتُعتبر العديد من البلدان العربية في أسفل التسلسل بين دول العالم في ميدان حقوق الطفل، بسبب الحروب والنزاعات المسلحة والإرهاب والعنف، وهذه نتاج التعصب ووليده التطرف لاعتبارات دينية أو طائفية – مذهبية، أو إثنية، أو سلالية، أو لغوية، أو اجتماعية، أو غيرها.
ويعاني العديد من أطفال المنطقة، خصوصاً في فلسطين، من الاحتلال وذيوله، والتداخلات الخارجية والاختراقات الإقليمية والدولية، بما فيها تجنيد الأطفال وتجييشهم في ميليشيات وجماعات إرهابية.
إن أكثر من ربع مليار طفل في العالم يعيشون دون خط الفقر وفي ظروف بالغة القسوة، الأمر الذي يحتاج إلى تعاون دولي لوضع حدّ لهذه الظاهرة المشينة.