قد
يكون موضوع المقال من التعقيد بمكان بعض الشيء وذات ابعاد رياضية مما لا يستسيغه
البعض لكن اهميته تكمن في كونه يتجلى واضحا في واقعنا وخاصة مع طريقة عمل الكثير
من المؤسسات الحكومية ذات الطابع الخدمي والتجاري
.
يعتبر شريط موبيوس واحداً من القضايا المعقدة جدا في
الرياضيات وذات افق لا متناهي اذا ما
استمر التحرك عليه ، ويعتبر ايضا واحداً من اهم طرق التنظير في علم السطوح الرياضي
او علم المكان الرياضي( Topology)
، يمكن تبسيط تعريف شريط موبيوس بانه عبارة عن شريط او امتداد بسطح واحد وهذا
السطح يتنقل بين الجهات الداخلية والخارجية بنفس الوقت ، يعني لا يمكن القول بان
هذا الشريط له وجه داخلي ووجه خارجي وانما
نفس الشريط يكون داخليا وخارجيا بوجه واحد لحظة بلحظة ، وبتعبير ابسط لو كبرنا
مقياس الشريط بحجم عمارة وكان هناك شخص ما
،وحيث يبدا هذا الشخص بالحركة فوق الشريط فانه سوف يكون في خارج العمارة وبعد برهة
بداخل العمارة ومع استمرار المسير لهذا الشخص فانه سوف يرجع لنقطة الانطلاق الاولي
وهكذا يستمر المسير داخليا وخارجيا والعبور على نقطة الانطلاق مرات ومرات وفي كل
مرة يمكن تعريف موقع الشخص بانه داخل العمارة او خارج تلك العمارة في نفس الوقت
والمكان . علما ان شريط موبيوس و تطبيقاته
ليست نظرية او تخيلية وانما موجودة وملموسة ، حيث تم اكتشاف هذا الشريط سنة 1858من قبل كل من (اوغست موبيوس )و(جون
ليستنج) .
التطبيقات
العملية لشريط موبيوس.
جرى
العمل على تطبيقات مبدء شريط موبيوس في كثير من فروع الرياضيات واهمها ضمن
المعادلات الجبرية والتفاضلية وايجاد حلول للعقد الرياضية ذات الابعاد والمستويات
المختلفة ، يمكن القول ان تطبيق شريط موبيوس كان حاضراً في الكثير من الاشكال
الهندسية الملموسة والممتعة بدءاً من عام 1880عندما تم انتاج (زجاجة كلاين )وصولاً الى نماذج ورقية معقوفة سميت بالسطح
المطور وذلك في سنة 2007.
زجاجة
كلاين
تم
انتاج هذه الزجاجة سنة 1882من قبل عالم الرياضيات الالماني (فيلكس كلاين) لتكون
هذه الزجاجة اولى التطبيقات الملموسة والفعلية لشريط موبيوس.
الممتع
ان هذه الزجاجة تكون واضحة لمن يمسك بها بانها ذات حجم وابعاد ثلاثية ، الا ان هذه الزجاجة رياضيا
لا تمتلك اي حجم ( حجمها صفر) ، فمثلا لوكانت هذه الزجاجة بقدر (حجم) قدح لشرب
الماء مثلا فلايمكن وضع قطرة ماء فيها لان المياه
سوف تنسكب مباشرة ولا تحتفظ الزجاجة باي كمية من تلك المياه رغم انها واضحة
للعيان و لها حجم ظاهري وحواف ظاهرية ولكن ليست لها حجم فعلي (رياضي) لكي تحوي
وتحتفظ بالمياه .بتعبير ادق فعندما نضع في زجاجة كلاين كمية من الماء ونحن نتوقع
اننا نضع المياه داخل الزجاجة فاذا هي خارج الزجاجة وهكذا ، ولو استمرينا في سكب المياه في داخل الزجاجة
الى ما لا نهاية فانها سوف لن تحتفظ حتى بقطرة من تلك المياه وتكون جميع كميات المياه خارج الزجاجة ومنسكبة
على الارض ومن حول الزجاج .
ماعلاقة
شريط موبيوس بالطيران المدني العراقي ؟
(ما
نشير له في هذه الجزئية من المقال غير موجه للادارة الجديدة لوزارة النقل وفريق عمله
كونهم لم يمر عليهم الا سابيع
محدودة في الادارة كما اننا نثبت حالة بقصد
المعالجة) .
كما
اسلفنا سابقا بان شريط موبيوس وزجاجة
كلاين لا توجد لهما اسطح داخلية او اسطح
خارجية بالتالي السير على الشريط سوف يجعلنا نعود الى نقطة البداية كل مرة وبدون
اي تغيير او انجاز فعلي وبدون اي تأسيس للسطح الداخلي او الخارجي ، فمعضلة الطيران
المدني ( و ما يتعلق به من مطارات وخطوط جوية وخدمات وووووو الخ )تشبه شريط موبيوس
في هذه النقطة بالذات ، اي ان هذه المعضلة ومنذ سنوات لم يعلم لها بداية انجاز ولا
نهاية مشروع ،وفي نفس الوقت تشبه زجاجة كلاين من حيث كمية صرف الاموال والتي لم
تُصير الى وجود تقدم في تقديم الخدمة
بصورة ملفتة للنظر ، فمنذ 2003 ومع كل كابينة وزارية او تغيير وزاري نسمع بالعمل
على انهاء ملف الخطوط الجوية العراقية والطيران في اجواء اوروبا لتنتهي تلك
الكابينة ولنرجع الى نقطة البداية ولنبدا العمل مرة اخرى على وعود حول تحليق
الطائر الاخضر في اجواء اوروبا .
وايضاً
مع كل دورة حكومية نسمع بتطوير المطارات العراقية وهي على حالها كما في مطار
بغداد .كل دورة حكومية هناك اشكالية
المراقبة الجوية والاجواء ،كل دورة حكومية وفيها نفس الاشكالات لوزارة النقل في
هذه الجزئيات ونرجع الى نقطة البداية مع كل دورة جديدة ، مع كل دورة حكومية هناك
العمل على فتح مطارات غير ماهولة وعليها الكثير من علامات الاستفهام اذا ما علمنا
كبريات المطارات غير مربحة على الاغلب فما بال هكذا مطارات .
ماهو
الحل ؟
يكمن
الحل في هيكلة جميع المؤسسات الحكومية التي تتعلق بالطيران من مطارات والشركة
الخطوط و و و الخ ( مع المحافظة على الاسم التجاري طبعا) واصدار قوانين ولوائح
جديدة متناغمة مع تطور هذا المرفق عالميا وذات قابلية تنافسية كقيمة سوقية وحتى
تغيير الية التعيين في هذه المرافق ووضع اسس انضباطية صارمة جدا للعاملين في هذا
المجال ، مع التركيز على توفير خبرات بصورة وافية ومستفيضة من الايادي العراقية من
خلال الدورات و البعثات وورش العمل ،ذلك ان احدى اشكالات الدولة الحالية هي
الصيانة والمحافظة على ما موجود وتحسين الخدمة .
اخيراً تحويل هذا القطاع الى قطاع
مختلط في جميع جوانبها والعمل على:
1-
انشاء هيئة المطارات (ذات مجلس ادارة نوعي
ومختلط) ، تكون مهامها سلطة الطيران
المدني ،ادارة الاجواء ، والاشراف على المطارات الحكومية وتحويلها الى قطاع مختلط
والاشراف على المطارات الاستثمارية .
2-
هيئة الناقل الوطني (قطاع مختلط) وتحوي بين جنباتها جميع وسائط النقل الحكومية مثل
الخطوط الجوية لنقل المسافرين و الخدمات و الشحن الجوي والصيانة
.
3-
تعمل هذه الهيئات بصورة مستقلة حالها حال الهيئات المستقلة وبنظام داخلي داينميكي
.
بهذه
الخطوات او بخطوات مشابهة قد نستطيع النهوض بهذه المرافق والمؤسسات المهمة والتي هي من اهم واجهات العراق نحو
الخارج.